لا يكاد يختلف العام 2015 عن طبيعة الأحداث التي مرت به الاعوام السابقة، وذلك من خلال إقامة العديد من الفعاليات الثقافية والفنية، غير أن الساحة المحلية الأدبية قد غادرها العديد من الأدباء والفنانين والمفكرين، هذا إلى جانب فوز العديد من الكُتاب الأردنيين بالعديد من المحلية والعربية، وذلك زخم من الإصدارات الأدبية في كافة مجالات الإبداع، وكذلك ما شهده العام من حروب وتفشي الإرهاب في كافة المجتمعات عربيا ودوليا.
«الدستور»، وبمناسبة نهاية العام، سألت بعض الأدباء والمثقفين عن أهم الأحداث الثقافية محليا وعربيا ودوليا، خلال العام 2015، فكانت هذه الرؤى..
د. غسان عبد الخالق:
أعتقد أن فوز الكاتبة البيلوروسية سيفتلانا الكسيفتش بجائزة نوبل للآداب هو الحدث الثقافي الأجدر بالتنويه في عام 2015 لأكثر من سبب؛ فهي ليست شاعرة أو مؤلفة قصص أو روايات كالمعتاد، بل هي صحفية متخصصة في كتابة الريبورتاجات والتحقيقات المطولة ونشرها في كتب تحظى بمتابعة ملموسة من قرّاء الغرب . وهذا يعني أن المعيار التقليدي للتجنيس الأدبي قد أصبح بحاجة ماسة للمراجعة والتقييم، لأن فوز ستيفلانا فتح أبواب ضرورة المراجعة على صعيد مناهج النقد الأدبي بوجه خاص وعلى صعيد نظرية الأدب بوجه عام.
فالأدب أو الفن لم يعد بالضرورة كل ماهو جميل بل كل ماهو صادق، ما يعيدنا إلى مربع أفلاطون الذي أكد أن الشعر لا يمثل الحقيقة بل هو محاولة لقول الحقيقة من الدرجة العاشرة على الأقل وبالتالي فهو كاذب بقطع النظر عما ينطوي عليه من جمال وفتنة، كما نجد أنفسنا مضطرين إلى التشبث بمقولات النقد الثقافي التي
أكدت موت الأدب بوصفه خطاب النخبة وطالبت بمتابعة الخطابات الموجهة للجماهير مثل الإعلانات والملصقات والأفلام والخطب السياسية والمقالات والتحقيقات الصحفية بوصفها الأدب الحقيقي والصادق والأجدر بالدراسة والتحليل، والطريف في الأمر أن مقولات وتصريحات ستيفلانا تتطابق شكلا ومضمونا مع مسلمات النقد الثقافي الذي يمثل الفائز الحقيقي بجائزة نوبل، فالواقع والصدق في تمثيل هذا الواقع هو الأجدر بالرصد وليس الجمال بأقانيمه المعروفة القاصرة عن تجسيد الواقع من جهة والواغلة في تزوير الواقع من جهة أخرى.
وبوجه عام، فإن جائزة نوبل لهذا العام، عكست أكثر من أي عام مضى، انفتاح معايير الجائزة على إيقاع عصر المعلومة والصورة الذي راح يدشن شيئا فشيئا باسم الصحفي والمصور على حساب الشاعر والقاص والروائي، كما عكست اندثار عصر البلاغة والانشاء لصالح عصر التقرير والمراجعة والملخص!
نايف النوايسة:
على المستوى العالمي تواصل اليونسكو احتفاءها باللغة العربية باعتبارها لغة عالمية، ويقع ذلك ضمن جهود هذه المنظمة الرامية الى صون التراث الثقافي العالمي غير المادي وتقديراً للغة العربية كأداة للتعبير الثقافي على تنوعه..
وبقي اهتمامي بالهجوم على الصحيفة الفرنسية الساخرة «شارلي ايبدو»، قائماً سواء من حيث الحريات الصحفية وحدودها ومن الطريقة التي جوبهت هذه الصحيفة التي تغنت كثيراً بالرسومات المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم، وكيف واجه المجتمع الثقافي الفرنسي هذا الأمر، فقد وضع عالم الاجتماع الفرنسي «ايمانويل تود»، كتابا عنوانه «من هو شارلي»، حلل فيه كل الملابسات التي واكبت تفجير الصحيفة.. وأحدث ضجة كبيرة في فرنسا لأنه وجد ان المظاهرات والإحتجاجات قد قام بها المترفون والأغنياء والطبقة الراقية على حساب الطبقة الفقيرة ومعظمها من المسلمين.. وقد انتصر لها «تود»، باعتبار ان الإرهابيين هم في الأصل خارجون على هذه الطبقة..
بالمجمل تهيمن الظروف التي خلفها الربيع العربي والاصطفافات الدولية لمواجهة الإرهاب والتحولات الاقتصادية والاجتماعية واللجوء العابر للقارات كلها تشكل أرصفة جديدة تتوازع الثقافة وتسلبها وظيفتها وأهدافها الامر الذي يدفع بالمثقف الى الارتكاس داخل دهاليز الاحباط والياس والانتظار..
رسمي أبو علي:
كل الآسف ليس هناك آية أحداث ثقافية، واذا وجدت فانها لا تحظى بأي اهتمام فالمشهد يحتله الارهابيون والقتلة ولم يعد هناك مكان للثقافة.
د. احمد النعيمي:
على المستوى المحلي كان الحدث الأبرز انتخابات رابطة الكتاب الأردنيين، وما أفرزته من نتائج غير مسبوقة بتاريخ الرابطة، تمثلت في أقصاء تيار كامل عن مشهد الهيئة الإدارية، وما ينبغي أن يستتبع ذلك من قراءة عميقة لمزاج الرأي العام في الرابطة «دون انحياز لأشخاص أو تيار»، وعلى المستوى العربي كان الحدث الأبرز إطلاق المحور الإنساني العالمي لدراسات الطفولة وأبحاثها، وانعقاد الاجتماع الأول لمجلس الإدارة بالجزائر. أمّا على المستوى العالمي فكان فوز الكاتبة والصحفية البيلاروسية سفيتلانا الكسيفتش بجائزة نوبل للآداب هو الحدث الأبرز حيث فازت عن كتاباتها متعددة الأصوات التي تمثل معلماً للمعاناة والشجاعة في زماننا.
سمير الشريف:
كثيرة هي الأحداث الثقافية التي مرت علينا محليا وعربيا وعالميا، غير ان ما يميز عام 2015 محليا، رحيل كوكبة من المبدعين تاركين خلفهم ذكريات لا تنسى وإبداعات تدلنا عليهم، ليظلوا في القلب والذاكرة، فليس من السهل أن ينسى المرء شخصيات لها حضورها مثل: عبد الله رضوان وجمال أبو حمدان وخالد محادين وناصر الدين الأسد ويعقوب زيادين وعبد الرزاق عبد الواحد ومحمد القباني وجهاد هديب وعبد الله منصور من المبدعين والمفكرين والفنانين، وأيضا محليا، سعدت الساحة الثقافية بحصول مجموعة من المبدعين على جوائز محلية وعربية ودوليه في شتى المجالات الابداعية كالدكتور راشد عيسى والمخرجة مجد القصص والقاصة سناء شعلان.
وتميزت هذه السنة ثقافيا بإيجاد جوائز وزارة الثقافة بدل التفرغ الابداعي الدي حصل حوله لغط كثير، راجين أن تكون الخطوة الجديدة أكثر إنصافا وعدالة للمبدعين، الأمر الدي يقودنا لظاهرة تستحق التنوية وتتمثل في تكريم المبدعين الحائزين على جوائز أو لهم تجربة في مجال إبداعهم، ونخص بالشكر وزارة الثقافة ورابطة الكتاب في هذا المجال.
أما عربيا، لعل أهم ما حظي بالدهشة والاستغراب الحكم الجائر الذي صدر بحق الشاعر أشرف فياض، راجين أن يكون هناك من يصغي لصوت المنادين بضرورة إيقاف الحكم بالاعدام.
طارق مكاوي:
قد أبدو سوداويا في رؤيتي للحدث الثقافي في العام المنصرم، لأن العمل الثقافي في الأردن إلى تراجع ملحوظ، فالعناية بالثقافة في بلدنا هي تقليعة فقط وليس عملا ممأسسا له منهجية حقيقة هدفها المثقف، نحن نمارس ثقافة منزوعة الدسم لا حول لها ولا قوة في بلد تميل إلى التقشف في جانب الثقافة فقط، لان هذا العمل لا بواكي له، لكنني أرى في انتخابات رابطة الكتاب حدثا مهما يحمل دلالات قوية شارك بها أعضاء الرابط لمحاولة رفع الأسى عن قلوبهم المحبطة، من جهة أخرى في العام المنصرم خسرنا كتابا مهمين رحمهم الله جميعا، الخسارة في خندقنا يعني لنا حدثا ثقافيا أيضا من وجهة نظري على الأقل، إذ لا أرى شيئا قد احتفينا به بشكل جمعي وكان له تأثيرأ مهما على مسيرة الثقافة في الأردن، بينما في العالم العربي هناك نشاط ملحوظ في دعم الثقافة، في توسيع رقعة النشر وزيادة المجلات الثقافية الورقية والرقمية، بالإضافة إلى معارض الكتب التي يذهب الناس قاطبة إليها كمهرجانات تواصلية يلتقي من خلالها العديد من المثقفين، عدا عن دعم المسرح والذي استيقظ العالم العربي عليه بينما كنا في أوائل التسعينات محجا كبيرا للمسرح العربي، أما الحدث المهم في هذا العام فهو فوز الأردني جلال برجس بجائزة كتارا، لان هذا الفوز هو فوزنا جميعا أحداث العالم الكبير فإنني لن أتطرق إلى نوبل لكنني سأتطرق إلى الكم الهائل من النقود التي حرقت في الحروب هذا العام التي كانت تكفي بناء إمبراطورية ثقافية للإنسانية جمعاء، أشعر بالأسى حين تكون البندقية هي القلم الوحيد الذي يجيد الكتابه على اللحم الطري.