
مسرحية للأطفال
المحور الإنساني العالمي لدراسات الطفولة وأبحاثها
تستهدف هذه المسرحية الفئة العمرية من 12 إلى 18 سنة
الشخصيات
1-الأم
2-الأب
3-سعاد: فتاة في الرابعة عشرة من عمرها.
4-خالد: فتى في السادسة عشرة من عمره.
5-ممثل يقوم بدور الأرنب.
6-ممثل يقوم بدور الغزال.
7-ممثل يقوم بدور الخروف.
8-ممثل يقوم بدور الطائر.
الفصل الأول
المشهد الأول
في ركن بارز من المسرح يوجد مجسَّم، أو لوحة كبيرة، لعلبة سجائر كبيرة وقد رُسم عليها إشارة “خطر الموت”، أمّا خلفية اللوحة فعبارة عن شكلٍ لِنَبْتَةِ الدخان قبل تصنيعها.
ويبرز من علبة السجائر خمس سجائر كبيرة، وعلى كل سيجارة عبارة من العبارات التالية، بحيث تساعد الإضاءة في إظهارها للجمهور:
– أنا السرطان.
– أنا أمراض القلب والشرايين.
– أنا الالتهابات الصدرية.
– أنا الرائحة الكريهة.
– أنا أمراض الرئة.
في المسرح كرسيان وطاولة صغيرة، وفي مكان بارز توجد العبارة التالية، بحيث تكون كلّ كلمة فيها ملوّنة بلون يختلف عن الآخر:
“الصحة تاج على رؤوس الأصحاء لا يراه إلا المرضى”.
مقابل المجسّم أو اللوحة يقف أربعة أطفال، يرتدي ثلاثة منهم أشكالاً لثلاثة أنواع مختلفة من الحيوانات آكلة العشب ( أرنب، وغزال، وخروف )، أما الرابع فيمثّل شكل طائر.
ينظر الأرنب إلى المجسم ويقول: أنا لا أحبّ نبتة الدخان، ولم أتذوّقها أو أقترب منها في حياتي.
يضيف الغزال: وأنا كذلك لا أحبّ هذه النبتة، فطَعْمُها مُرٌّ وغير مستساغ.
الخروف: إنها النبتة الوحيدة التي ليس لها أصدقاء من الحيوانات، فهي نبتة سامّة.
الطائر وهو يحرّك جناحيه: أنا أيضاً مثلكم لا أحبّ هذه النبتة، ولأنني أطير كثيراً، وأراقب السهول، فقد تأكّدتُ أنّها نبتة بلا أصدقاء.
الغزال: حقاً.. إنها نبتة منبوذة.
الخروف: إنني أَعْجَبُ من بني البشر الذين يصادقونها ويحرقون صدورهم بها.
الغزال: حقاً كيف يفعلون ذلك رغم أنها تلوّث بيوتهم، وبيئتهم، وتجلب الأمراض لأجسادهم.
الأرنب: بعض الفتيان من بني البشر يعتقدون أن التدخين يجعل الآخرين يرونهم أكبر سنّاً مما هم عليه.
الخروف: يا له مِنْ وَهْم.
الطائر: وبعضهم يعتقد أن السيجارة تجعل للإنسان هيبة.
الغزال ضاحكاً: والحقيقة أنها تقلّل من الهيبة.
الأرنب: لذلك سوف نشاهد حكاية عائلة من بني البشر مع التدخين.
الخروف: ولكن قبل ذلك تعالوا نغنّي أغنيتنا المفضّلة.
الطائر: أوافق صديقي الخروف الرأي. هيا بنا نردّد أغنيتنا المفضَّلة.
تصدح موسيقى الأغنية
تتوجّه أنظار الحيوانات والطائر إلى مجسّم علبة السجائر، ويشرعون بالغناء معاً، بينما يشيرون إلى المجسّم:
السيجارة
النبتة الشرّيرة
شريرةٌ خبيثة
خبيثةٌ شريرة
سمومها كثيرة
آثارُها خطيرة
عَدُوَّةُ
أجسادنا السليمة
تُحيلها
مريضةً عليلة
فلا تكن.. لها صديقا
ولا تكوني
لمثلها صديقة
لا.. لا تكوني
لمثلها صديقة
يتمّ ترديد العبارتين الأخيرتين أكثر من مرّة، أثناء النظر إلى الجمهور، والإشارة إليه، ثمّ تقترب الحيوانات من مقدّمة المسرح، وتقول: والآن شاهدوا حكاية هذه العائلة.
تخرج الحيوانات
المشهد الثاني
تدخل الأم وهي قلقة من أمرٍ ما.. تتحرّك داخل المسرح، ثم تقول كمن تُحدّث نفسها: “طالما نصحته بالإقلاع عن تلك العادة السيئة، لكنه لم يستجب”.. تصمت قليلاً، ثم تضيف: “ها هي النتيجة سعال ومرض أخشى أن يفتك به”.
يدخل الأب وهو يسعل بصوت عالٍ ومستمر، ويبدو عليه المرض، فتسارع الأم إلى مساعدته في الجلوس وتقول:
الأم: أَمَا آن لك أن تقلع عن التدخين يا زوجي العزيز؟.
الأب: هذا السعال غير ناتج عن التدخين يا زوجتي العزيزة.
يستمر الأب بالسعال
الأم: عن أيّ شيء ناتج إذن؟.
الأب: لا أدري لماذا أنت مصرّة على أن أترك التدخين.
الأم: لأنّه سبب أمراضك كلِّها.
الأب: لقد حاولت، ولم أستطع.
الأم: ترْكُ التدخين يحتاج إلى إرادة قوية، وليس مجرَّد محاولة.
الأب: وماذا بإمكاني أن أفعل؟.
الأم: الإرادة.. يجب أن تتمتّع بإرادة قوية.
الأب: الإرادة؟ الإرادة؟ قلتُ لكِ إنني حاولت.
الأم: لم تكن جادّاً.
يسعل الأب من جديد، ويبدو كما لو أنه يجبر نفسه على التماسك
الأب، بانفعال، وهو ما يزال يسعل: كفاكِ تدخُّلاً في أموري الشخصيّة.
الأم: هذا ليس أمراً شخصيّاً، فحياتك تهمّني كما تهمّكَ.
الأب: بما أنّ حياتي تهمُّكِ كما تهمُّني، فكوني رحيمةً بي.
الأم: أليس تَرْك التدخين رحمة لكَ؟.
الأب: كم أنتِ عنيدة في الدفاع عن آرائكِ.
الأم: لا أحبّ أن أكون عنيدةً إلاّ بما هو حقّ.
المشهد الثالث
تدخل سعاد وهي تحمل كتباً مدرسية
الأم: ها هي سعاد قد عادت من المدرسة.
سعاد: مرحباً يا أبَوَايَ العزيزان.
الأم: أهلاً بك يا ابنتي.
الأب: أهلاً بكِ يا سعاد.
يواصل الأب السعال، بينما تضع سعاد كتبها على الطاولة الصغيرة، وتسأل أباها:
سعاد: ما بك يا أبي؟.
الأب: يبدو أنّ مشاكل الطّقس وتقلُّباته قد أثَّرت علي.
سعاد: يجب أن تذهب إلى الطبيب يا أبي.
الأب: سوف أتحسّن من دون الحاجة إلى الطبيب.
الأم: بل قل إنّك تعرف النصيحة التي سوف يوجّهها لك الطبيب.
يعود الأب للسعال، ثم ينظر إلى سعاد
الأب: ناوليني علبة السجائر يا سعاد.
سعاد: ولكنّك مريض يا أبي.
الأب: ليس للتدخين علاقة بمرضي.
الأم: بل التدخين هو سبب مرضك.
سعاد: أمي محقّة يا أبي. التدخين هو سبب مرضك.
الأب: بل مشاكل الطقس يا ابنتي.
سعاد: الطقس لا علاقة له بمرضك يا أبي.
يسعل الأب بشدة
الأم: والدكِ لا يريد أن يعترف بالحقيقة يا سعاد.
سعاد: لا يمكن أن أُحْضِرَ لك السجائر وأنت في هذا الوضع يا أبي.
الأب: هاتي السجائر، ولا تخافي عليّ يا سعاد.
يعود الأب للسعال، وتنتظر سعاد حتى يهدأ سعاله وتقول:
سعاد: كيف لا أخاف عليك وأنت في هذا الوضع.
الأم: لا بدَّ أن نستدعي لكَ الطبيب.
الأب: لستُ بحاجة إلى الطبيب.
سعاد: لو عرفتَ مضارَّ التدخين لما عُدْتَ إليه أبداً يا أبي.
يسعل الأب من جديد
الأم: عندما يأتي خالد من المدرسة سوف نتناول طعام الغداء، ثم نصطحبكَ إلى الطبيب.
الأب: قلتُ لكِ إنني لست بحاجة إلى الطبيب.
الأم: مازلتَ مصرّاً على عدم الاعتراف بالحقيقة.
الأب: ناوليني علبة السجائر يا سعاد، فنصائحُ أُمكِ باتت تُتْعبني.
سعاد: لا أعرف أين سجائرك يا أبي.
الأم: لقد أخفيتُها.. لن تستطيع سعاد العثور عليها.
يسعل الأب، ثم يقول بصوت فيه بقايا سعال:
الأب: عندما يحضر خالد من المدرسة سوف أرسله لشراء علبة سجائر جديدة.
الأم: هل تحبّ أن يتعلَّم خالد التدخين؟.
الأب: لا. لا. أعوذ بالله. لا يجوز أن يتعلم التدخين أبداً.
الأم: إذن كيف تريده أن يشتري لك السجائر؟ ألا يُفْتَرض بنا أن نكون قدوة لأبنائنا!.
الأب: شراؤه للسجائر لا يعني أن يتعلم التدخين.
الأم: وقد يعني!.
الأب: لماذا تُعَقِّدين المسائل يا زوجتي العزيزة.
الأم: أنا لا أُعَقِّد المسائل. ولكني أواجهكَ بالحقيقة.
سعاد: أمي محقّة يا أبي، فمعظم الأطفال الذين يتعلّمون عادة التدخين السيئة يكتسبونها من الأسرة.
الأم: لا تَنْسَ أن هناك قانوناً يمنع بيع السجائر لصغار السن، رغم أن بعض البائعين لا يلتزمون به.
الأب: إنّكم تحاصرونني.
سعاد: نحن لا نحاصرك يا أبي، بل نواجهك بالحقيقة.
الأب: الحقيقة هي أنّكم تتدخلون في أموري الشخصية.
الأم: بل نسعى للحفاظ على صحتك.
يسعل الأب من جديد ويقول:
الأب: صحتي! صحتي! باتت تُتعبني هذه الكلمة.
سعاد: يجب أن تتقبّل الحقيقة حتى لو كانت تخالف رغباتك.
الأم: هذه العبارة عميقة يا سعاد، فبعض الناس لا يحبّون الاعتراف بالحقيقة لمجرّد أنها تخالف رغباتهم.
الأب موجّهاً حديثه للأم: وتعتقدين أنني لا أريد أن أعترف بالحقيقة يا زوجتي العزيزة؟.
الأم: هذا ما يبدو يا زوجي العزيز.
المشهد الرابع
يدخل خالد وهو يحمل كتباً مدرسية
خالد: مرحباً يا أبواي. مرحباً يا سعاد.
الأب: أهلاً بك يا خالد.
الأم: أهلاً بك.
سعاد: أهلاً يا خالد. لا بدّ أنّك جائع.
يواصل الأب السعال، بينما يضع خالد كتبه إلى جوار كتب سعاد
خالد: متعتي الحقيقية هي عندما أجلس معكم إلى المائدة.
الأم: الطعام جاهز، سوف أضعه لكم على المائدة.
خالد: سوف نرافقكِ أنا وسعاد لنساعدك يا أمي.
الأم، مبتسمة: سوف أعفيكما من مساعدتي، هذه المرّة فقط.
تخرج الأم
الأب: سعاد ووالدتك يا خالد تخالفان أوامري.
خالد: وكيف ذلك يا أبي؟.
الأب: اسألهما.
يسعل الأب
خالد: يبدو أن مرضك يشتدّ، يجب أن تزور الطبيب يا أبي.
الأب: ليس الآن، في الأيام القادمة.
خالد: كيف ذلك يا أبي؟. أنت مريض ويجب أن تزور الطبيب.
سعاد: أما زلتَ تعتقد يا أبي أنّنا مخطئون؟.
الأب: سوف أفترض أنكم على صواب. ولكنّي لا أريد أن أزور الطبيب اليوم.
خالد: إذن بإمكاننا أن نستدعي الطبيب إلى البيت.
الأب: لا تفعل ذلك يا خالد.
سعاد: لماذا كل هذا العناد يا أبي؟.
الأب: كل ما في الأمر أنّني أعاني من عارض صحي بسيط, سوف يزول عمّا قريب.
خالد: ما مِن مبرّر لعنادك يا أبي، لأن الطبيب يمكن أن يساعد في معالجة هذا العارض الصحي، حتى لو كان بسيطاً كما تعتقد.
الأب: لا تُتْعِبوا أنفسكم في التفكير بحالتي.
ينبعث صوت الأم من خلف الكواليس
الأم، من خلف الكواليس: هيا تفضّلوا. الطعام جاهز.
خالد، وهو ينظر باتجاه الصوت: سوف نأتي في الحال يا أمي.
سعاد: هيا يا أبي.
يقف الأب بتثاقل، يواصل السعال، بينما يمسكه خالد من يده، وتسير سعاد إلى جوارهما، ويخرجون.
الفصل الثاني
المشهد الأول
تعود الحيوانات الثلاثة، والطائر إلى المسرح.
الطائر: كم هو مسكين هذا الأب الذي لا يتوقّف عن السّعال.
الغزال: حقّاً إنه لمسكين. إذا كانت حكومات بني البشر تُصادر السيارات القديمة التي تلوّث الجوَّ بدخانها، فكيف يسمح الإنسان لنفسه أن يكون سيارة مهترئة؟.
الخروف: والمدخّن من بني البشر لا يضرّ نفسه وحسب، ولكنه يضرّ الآخرين الذين يستنشقون رائحة دخانه.
الأرنب: والأم الحامل تسبّب الأمراض لجنينها إذا كانت مدخّنة.
الطائر: لا بدّ أن يدرك بنو البشر أنّ حياتهم أثمن من السيجارة.
الغزال: لذلك تعالوا نُسمِعُهم صوتَنا مرّة أخرى.
تنبعث الموسيقى من جديد، ويشرعون بترديد كلمات الأغنية ذاتها، وبالحركات ذاتها:
السيجارة
النبتة الشريرة
شريرةٌ خبيثة
خبيثةٌ شريرة
سمومها كثيرة
آثارُها خطيرة
عَدُوَّةُ
أجسادنا السليمة
تُحيلها
مريضةً عليلة
فلا تكن.. لها صديقا
ولا تكوني
لمثلها صديقة
لا.. لا تكوني
لمثلها صديقة
ثم يخرجون من المسرح
المشهد الثاني
يعود الممثلون الأربعة إلى المسرح. يدخل أولاً خالد والأب، حيث يمسك خالد والده الذي ما زال يواصل السعال، من يده، ويُجلسه على الكرسي، ثم تدخل سعاد ووالدتها.
سعاد: كان الطعام لذيذاً. سَلِمَتْ يداك يا أمي.
خالد: نعم. كان لذيذاً.
الأم: لماذا لم تأكل يا زوجي العزيز.
سعاد: حقاً لماذا لم تشاركنا الطعام يا أبي؟.
الأب: لقد خالفتم أوامري.
سعاد: نحن لم نخالف أوامرك يا أبي. إننا نخاف على صحتك.
الأب: إذن، أريد علبة سجائري.
يواصل الأب السعال
الأم: كيف ستستطيع الجمع بين السعال والتدخين.
الأب: لا أدري.
سعاد: التدخين يا أبي من مسبّبات فقدان الشهية للإنسان.
خالد: هذا صحيح يا أبي. أرجوك حاول أن تتخلَّص من التدخين.
الأب: التدخين؟. التدخين؟. لقد أدخلتموني في دوّامة.
سعاد: هذه ليست دوّامة يا أبي. إنّها الحقيقة.
يسعل الأب
الأم: أمراضُكَ سببها التدخين. أمّا الحلّ فيكْمُنُ في الإرادة.
الأب: الإرادة! كم تردّدين هذه الكلمة!.
خالد: هل لديكِ مفهوم محدّد لكلمة الإرادة يا أمي؟.
الأم: نعم، فالإرادة أن يخوض الإنسان معركة مع نفسه وينتصر فيها.
خالد: تقصدين يا أمي أن يقاوم الإنسان رغباته التي تَضُرُّ به، سواء أكان هذا الضرر سيظهر بشكل مباشر أم في المستقبل.
الأم: نعم يا خالد.
الأب: وهل كنتَ تعتقد يا خالد أن أمّك لا تملك مفهوماً محدّداً لكلمتها المفضّلة!!.
خالد: إنني أحبّ ( الإرادة )، وأعرف معناها أيضاً، وكل ما هنالك أنني أردت أن أوسّع مفهومي للكلمة.
سعاد: هل تعلم يا أبي أن التوعية بمضار التدخين تُعْتَبرُ حقاً من حقوق المواطن التي يجب على الدُّوًل أن ترعاها.
الأب: أعرف ذلك. فَهُمْ يكتبون على كلّ علبة سجائر أنّ التدخين من مسبّبات السرطان وأمراض القلب والرئة.
خالد: وهناك أمراض أخرى كثيرة يتسبّب بها التدخين.
الأم: أكثر من هذه الأمراض؟.
خالد: نعم، فمشاكل الأسنان تتضاعف ثلاث مرات عند المدخنين.
يسعل الأب بشدّة
سعاد: أعانَكَ الله على هذه السعلة يا أبي. يجب أن تذهب إلى الطبيب.
خالد: نعم يا أبي يجب أن تذهب إلى الطبيب.
الأب: سوف أُفكّر بالأمر.
الأم: الأمر لا يحتاج إلى تفكير.
سعاد: هل تصدّق يا أبي أنّ بعض الفتيات يُدّخِّنَّ بالخفية عن ذويهن.
الأب باستنكار شديد: هل صحيح ما تقولين يا سعاد؟.
سعاد: نعم يا أبي.
الأب بانفعال: ولكن مثل هذه التصرّفات غير أخلاقية. ألا يعرفْنَ مخاطر التدخين.
سعاد: يَعْرِفْنَ مخاطر التدخين مثلما تعرفها يا أبي.
الأب: أفهم المغزى من كلامكِ يا سعاد، ولكن قُلْ لي يا خالد، ألا يَعْمَدُ بعض الفتيان إلى التدخين أيضاً؟.
خالد: الحقيقة نعم يا أبي.
الأب: وهل ترى أنه من المناسب ترك هؤلاء يتورّطون في هذه العادة السيّئة؟.
خالد: الحقيقة يا أبي أنّ بعضهم لا يستمعون إلى النصائح.
سعاد: هل رأيتَ يا أبي كيف أنّكَ رفضتَ مثل هذا التصرّف من دون تردّد.
الأب يتقدم بتثاقل نحو منتصف المسرح، ويقول: اسمعوني جيداً إذن، فقد حان وقت مصارحتكم بالحقيقة.. الحقيقة التي سوف أُعلنها أمامكم الآن.
الأم وهي تنظر إلى زوجها بذهول: الحقيقة؟! أية حقيقة؟!.
خالد: حقاً.. ما هي هذه الحقيقة يا أبي؟.
الأب: لقد كنتُ أختبر وقوفكم إلى جانبي، وأحاول أن أكتشف مدى حرصكم على صحّتي.
سعاد: هذا يعني أنّك سوف تترك التدخين يا أبي.
الأب: بل قولي إنّني تركتُهُ بالفعل.
الأم: لا أكاد أصدّق.
خالد: لقد فاجأتنا بهذا الخبر السعيد.
سعاد: ولكن، لماذا أتعبتنا كلّ هذا التعب يا أبي!.
الأب: كما قلت لكم، كنتُ أختبر مدى وعيكم، ووقوفكم إلى جانبي في محنتي.
الأم: كم أنا سعيدة بقرارك هذا.
يسعل الأب
سعاد: بقي أن توافق على الذهاب إلى الطبيب يا أبي.
الأب: موعدي مع الطبيب بعد ساعة من الآن.
خالد: وحجزتَ موعداً مع الطبيب من دون علمنا؟.
الأب: لقد أردت أن يكون قراري بترك التدخين مفاجأة لكم.
خالد: إنّه درس جيد، سوف نتعلّم منه الكثير.
سعاد: قل لنا يا أبي كيف تعلّمْتَ عادة التدخين السيئة.
الأب: حينما كنتُ طالباً في المدرسة، كنتُ أعتقد أن رؤية الناس لي والسيجارة بيدي، أو في فمي سوف تحملهم على احترامي.
خالد: كنت تظنُّ يا أبي أن التدخين سوف يجعل الآخرين يعتقدون أنّك أكبر سناً مما أنت عليه، أليس كذلك؟.
الأب: نعم هذا صحيح، كنت أظنُّ ذلك، كما كنت أظنُّ أن السيجارة تعطي الإنسان هيبة.
الأم وهي تضحك: والحقيقة أنّها تقلل من هيبة الإنسان.
سعاد: وتجعل الآخرين يَنْفِرون من الرائحة الكريهة التي تتسبّب بها سيجارته.
خالد: بل وتجعلهم يشفقون عليه أيضاً.
الأم: هذا صحيح، فالطّب الحديث ينظر إلى المدخن على أنه إنسان مُدْمِنٌ ومريض ينبغي علاجه.
سعاد: كم أُشفق على المدخنين!.
خالد: وأنا أشفق عليهم أيضاً.
يسعل الأب
الأب: لذلك لا تتوقّفوا -أنتم وزملاؤكم- عن تقديم النصيحة لهم.
سعاد: هناك جمعيات كثيرة لمكافحة التدخين، ومع ذلك فإن الذين يستمعون للنصائح قلّة من الناس.
الأب: لإن الإقلاع عن هذه العادة السيئة ليس بالأمر اليسير. إنّه يتطلب إرادة قوية كتلك التي تنادي بها أمكم دائماً.
الأم: أحمد الله أنّك اعترفتَ بأهمية الإرادة.
الأب: كنتُ ومازلت مؤمناً بالإرادة، لأنها الكفيلة بصنع المعجزات، ولكني كنت أختبر مدى قدرتكِ على الدفاع عن آرائك والتمسّك بها.
الأم: وكيف وجدْتَني؟.
الأب: تستحقين الثناء على هذه الصلابة، والقدرة على الإقناع.
يسعل الأب
سعاد: لماذا لا نُشَكِّل نحن طلاب المدارس جمعيات صغيرة داخل مدارسنا هدفها تقديم النصائح للطلاب والطالبات بعدم الاقتراب من التدخين.
الأب: فكرة جيدة، فأبناء الجيل الواحد يقبلون النصيحة من بعضهم.
الأم: نعم، فعلى أبناء الجيل الجديد أن يدركوا أن حياتهم أثمن من السيجارة.
خالد: سوف أعرض هذه الفكرة على مدير مدرستي.
سعاد: وأنا كذلك، سوف أعرض الفكرة على مديرة مدرستي.
الأب: أتمنى لكما التوفيق.
الأم: سوف أكون سعيدة، وأنا أراك تتخلّص من آفة التدخين.
الأب: وأنا سعيد لأنّكِ سعيدة يا زوجتي العزيزة.
خالد: وما الذي سوف تقوله للطبيب يا أبي؟.
الأب: سوف أطلب منه أن يعالجني من آثار عادة سيئة لن أعود لها أبداً.
سعاد ضاحكة: عادة سيئة اسمها التدخين.
الأم: كيف نهزم العادات السيئة يا زوجي العزيز.
الأب: بالإرادة يا زوجتي العزيزة.
خالد: تحيا الإرادة.
سعاد: تحيا الإرادة.
أفراد العائلة بصوت واحد: تحيا الإرادة
يغادر الممثلون في الوقت الذي تتوافد فيه الحيوانات إلى المسرح من جديد
المشهد الثالث
تعود الحيوانات الثلاثة والطائر إلى المسرح
الغزال مخاطباً الجمهور: لا بدّ أن نودّعكم الآن.
الأرنب مخاطباً الجمهور: ولكن لا تنسوا أنّ الإرادة تصنع المعجزات.
الخروف مخاطباً الجمهور: وتذكّروا أنّ الحيوانات والطيور جميعها لا تحبّ نبتةَ الدخان.
الطائر للجمهور: وتذكّروا أنّها نبتة بلا أصدقاء.
الغزال: ونحن نعلم أنكم تحبّون ما نحبّ.
الأرنب: يسّرّنا ونحن نودّعكم أن نُسمِعَكُم أغنيتنا المفضّلة، مرّة أخرى.
تصدح الموسيقى، ثم تنبعث الأغنية، بينما يعود أفراد العائلة إلى خشبة المسرح، ويشاركون في الغناء:
السيجارة
النبتة الشرّيرة
شريرةٌ خبيثة
خبيثةٌ شريرة
سمومها كثيرة
آثارُها خطيرة
عَدُوَّةُ
أجسادنا السليمة
تُحيلها
مريضةً عليلة
فلا تكن.. لها صديقا
ولا تكوني
لمثلها صديقة
لا.. لا تكوني
لمثلها صديقة
يلوّح الممثلون جميعاً للجمهور، ثمّ يغادرون
ستار