كُتُب ومجلات الأطفال الورقية إلى أين؟
إعداد: المحور الإنساني العالمي لدراسات الطفولة وأبحاثها
إنَّ نَظْرَةً واقعيَّة إلى العَالم الورقي تمنحنا الأحاسيس التَّالية، إذا كان الناظر من الأشخاص كبار السن الذين أمضوا جل حياتهم في التعامل مع العالم الورقي، فإنَّه سيبقى يمتلك حنيناً إلى عالمه الذي يذوب أمام عينيه، وإذا كان الناظر من متوسطي الأعمار الذين قضوا شطراً هنا وشطراً هناك، فإنّ مشاعره قد تكون مختلطة، لكنه محظوظ؛ لأنَّه يجيد التعامل مع العالمين – الورقي والإلكتروني- بالقدر نفسه، أمّا إذا كان الناظر مِن أبناء الجيل الذي تفتحت عيونه على العالم الإلكتروني، فإنَّ العالم الورقي لا يعنيه إلاّ كمرحلة تاريخية ما زالت صديقة له في بعض المقررات المدرسية.
وكذلك فإنّ نظرة واقعيّة إلى كتب ومجلات الأطفال الورقيَّة لن تسر الناظر، كما لن تسر إلاّ عدداً قليلاً مِن الأدباء المختصين بالكتابة للأطفال الذين نالوا شهرة واسعة ما زالت تدفع الناس للركض خلف إبداعاتهم حتى لو صدرت بإطار ورقي.
وبشكل عام فإنَّ كُتُب ومجلات الأطفال الورقيَّة ليست بخير، ففي الأردن على سبيل المثال نَجِد حوالي ثلاث مجلات غير متعثرة من بين عشرين مجلة مُرَخَّصَة مختصَّة بالطفولة، بعضها لم يَرَ النور حتى لعدد واحد.
مديرة العلاقات العامة في المحور السيدة مرام رحمون لاحَظَتْ أنَّ المجلات والكتب الورقية للأطفال، غالباً ما بات يتم استخدامها كهدايا بين الناس، أو كمنح وعطايا من طرف الجهات المهتمة بالطفولة ومؤسساتها، لكن هناك نسبة قليلة من الأطفال أو الأهل يتجهون لشراء كتب ومجلات الأطفال من مكتبات متخصصة، ولدى سؤالها لأحد أصحاب هذه المكتبات أجابها بأنّ الفرق كبير بين نسبة المبيعات هذه الأيام ونسبتها في السابق، فكتاب ومجلة الطفل الورقيان في حالة تراجع مستمر.
وأشارت السيدة رحمون إلى أنّه ليس عالم الأنترنت وحده الذي يقف في طريق مجلة وكتاب الطفل، ولكن التكاليف الباهظة للكتاب الورقي المخصص للطفل هي ما يَحُدُّ مِن انتشاره؛ ذلك أنّ كتب الأطفال تحتاج إلى أغلفة ورسومات ملونة، في الوقت الذي يَعْزِف فيه معظم الأشخاص المقتدرين عن تقديم الدعم اللائق بهذه المؤسسات.
الدكتور اسماعيل الأقطش المدير التنفيذي للمحور يذهب إلى أنّ الاقبال على المجلة الورقية والكتاب الورقي المقدمين للطفل يتسم عالمياً بصفة التراجع، ولكن الاختلاف يَكْمُنُ في النِّسَب، فإذا قسنا نسبة الإقبال على المجلات والكتب الورقية المختصة بالطفولة عند الأوروبيين سنجد أنّه لا يمكن مقارنتها بما هو عند العرب؛ ذلك أنّ الأرقام العربية في هذا الاتجاه محرجة جداً حتى قبل الظهور القوي للعالم الإلكتروني، ومنذ ذلك الحين إلى اليوم ونسبة الحرج في تزايد.
الدكتور أحمد النعيمي رئيس مجلس إدارة (م. أ. ع) قال: إنّ المحور الإنساني العالمي لدراسات الطفولة وأبحاثها سينشط في كثير مِن المجالات، ومنها مجال ترجمة كتاب الطفل، لكن هذه الترجمة تحتاج إلى تَوَفُّر الدعم المناسب مِن جانب، وإلى الاتصالات مع المؤلفين مِن أجل الإجراءات القانونية مِن جانب آخر، كما تحتاج إلى اختيار المترجم المناسب العارف بالمعجم اللغوي للطفل حسب مراحله العمرية المختلفة.
وأكد د. النعيمي بأنّ المحور عازم على تأدية دوره القيادي في عالم الطفولة دون خوف أو تردد أو يد مرتجفة؛ ذلك أنَّ البشرية بدون مستقبل مليء بالأمل لأطفال وشباب اليوم ستغرق في الظلام؛ وهذا مِن أهم الأسباب التي جعلت المحور يضع على أجنداته وثيقة بعنوان: “الطفولة بيت المستقبل ومعراج الحياة”.
الخلاصة: نعم نحن بحاجة إلى إعادة النظر بالكتاب الورقي والمجلات الورقية المقدمة للأطفال؛ لأنّ القراءة بالعينين لا تُغْنِي عن استخدام اليَد، فكثير من الكتب والمجلات الورقية الموجهة للأطفال تَتْرُك للطفل حرية المساهمة في تلوين صورة، أو كلمات بعينها